2‏/4‏/2018

فيلم "تيشو": عن الحشرات التي تتلوّى في بطوننا


أسماء عزايزة


فيلم الأنميشين القصير، "تيشو" (2017)، للمخرجة المكسيكيّة أدريانا روكيا، الذي شاهدته ضمن مهرجان حيفا المستقلّ للأفلام بدورته الثالثة، لا يقول قصّة شخص أو جغرافيا أو مجتمع، بل قصّة كوكب بأكمله؛ كوكب الأرض الذي نعيش فيه "من قلّة الموت"، كما يقولون، في تعبير عن التشابه الفظيع بين حياة تتهالك، كهذه، والموت الفعليّ. قصّة قاسية أقرب إلى أن تكون مرثيّة من صور متتابعة ومتراصّة، لكوكب يتهالك بسرعة أكبر من قدرة واقعنا الفيزيائيّ على إظهارها وتكثيفها أمام أعيننا، بسرعة عالم ديجيتاليّ يمكن للأنيميشن فقط الإمساك به.


ثمّة إثارة بصريّة لافتة في تعدّد الوسائط الفنيّة التي وظّفتها المخرجة في الصورة؛ الرسم بالألوان المائيّة، والتصوير، والمعجونة، ثمّ كولاج من مجموعة منها في مشاهد أولى تُظهر ألفة زوج بشريّ مع محيطهما، وهما يتمدّدان فوق يابسة يحيطها الماء، وينضّ فوقهما جناح طائر جميل.

حفلة صاخبة
تيشو، مجهول الشكل والهويّةّ، سيتزوّج، هذا الشيء الوحيد الذي سنعرفه عنه قبل أن يترك تحضيرات الزواج ليدخل رحلته المعتمة في الكهف، بحثًا عن الذهب. سيلمع ذلك الشيء في عيني تيشو، يبدو أنّه يبعد طول ذراع عن فتحة الحفرة... يمدّ تيشو يده لتبدأ هذه المرثيّة التي نجحت أدريانا روكيا في منحها موسيقى جنائزيّة، كأنّها تحتفل بحداد جمعيّ سيتبدّى سببه حينما تبدأ الصور بالتراكم في حفلة طويلة ستتقرّاها ذراع تيشو؛ حفلة صاخبة من سيّارات الشرطة، ولافتات المحالّ، وزمامير السيّارات، وحشرات تتلوّى، والدم، ومصافي تكرير البترول، والمباهج اللانهائيّة، والبورصة، والموضة، ومصانع الطاقة، والتماثيل الصمّاء التي تبدو نحن، والطائرات الحربيّة، والمطارات، والأصوات البشريّة، والتلوّث، وضجيج المدن، والشوارع، والاقتصاد المتعاظم، والعظام، والنار... إنّه طنين صوتيّ وبصريّ ونفسيّ لا يعرف الرحمة، عناصره التي لا نشعر كلّ يوم بكارثيّتها تبدو على الشكل التي جاءت فيه أمامنا بالغة الرعب، وهو ما سيجعلنا نتأكّد في لحظات سريعة من أنّنا مدمّرون.

أن ترثي ما لم يكن أصلًا
سأعرض عرضيًّا إلى ما يقوله الفيلسوف السلوفاني جيجيك، حول أزمة هذا الكوكب، ولا سيّما البيئيّة، فإنّ "لها تأثيرًا على إحساسنا بالوجود في العالم، ويتهدّد بالاحترار المناخيّ، مثلًا، الأساس الأكبر لحياتنا اليوميّة"، ويعتقد أنّ "ردّ الفعل الليبيراليّ على الأزمة محاولة إيجاد طريقة للعودة إلى توازن أمّنا الأرض". لكنّه يقول: "إنّ هذه طريقة لإخفاء الأبعاد الحقيقيّة للأزمة. وإنّ الطريقة الوحيدة للمواجهة قبولنا التامّ لها، وتحمّل ما يترتبّ عليها".

لم يقترح الفيلم أيّ طرح عاطفيّ ورومانسيّ (سيبدو أيضًا دينيًّا وفق جيجيك) للمحافظة على هذا الكوكب، ولو بطريقة غير مباشرة. على العكس، سيذهب إلى أقاصي التصوير الواقعيّ غير المجمّل لكثافة تهالكه، فالبشريّة لم تملك، أصلًا، أيّ أساس أو توازن طبيعيّ لكي تعود إليه، وهذه فكرة قد تكون شديدة القتامة، لكنّها شديدة الواقعيّة في الوقت نفسه؛ أن ترثي شيئًا لم يكن هناك أصلًا، أن ترثي فكرة لم تولد أصلًا لتموت، أن ترثي حلمًا بأن يكون هذا المكان مكانًا مثاليًّا يستحقّ أن نعيش فيه.

قفص كبير
في مشهد لاحق سنتلقّاه هذه المرّة بعيون كائن آخر، حيوان، قد يكون نفسه تيشو، لكن متحوّلًا، "تعود الأرض إلى جمالها"، تتفتّح فيها الأزهار وتلمع خصوبتها لبرهة، ثمّ سرعان ما تعاد المرثيّة مرّة أخرى، كأنّها تقضي على ما تبقّى من "أمل" إن وُجد. تعاود الموسيقى تلك التسلّل، فتخرج بنايات عالية وترتفع، علب سردين، الأرض تتصحّر وتطرد الحيوانات التي تزحف على وجهها، الضجيج نفسه، صوت الرأسماليّة ذاته الذي حفظناه عن ظهر قلب. وسط هذه المعمعة، تنبت شجرة الذهب، ستتحوّل شيئًا فشيئًا إلى القفص الكبير الذي ينظر إليه تيشو وحيدًا، بلحظة مصيريّة متفسّخة، كأنّه الأبد الذي سيعلق فيه دون نهاية، فإن دخل وطُرق الباب وراءه، لن يجد أحدًا ليخلّصه. إنّها الوحدة القاتلة التي ستصيب البشر في تصوّرهم الأعمى لتفوّق نوعهم.
خلاص
بين المرثيّتين ثمّة مشهد ثالث أثار انتباهي، أو ربّما أثار غريزتي في الخلاص والخروج من الدغدغة المرعبة التي أشعرها من تلوّي الحشرات في بطني؛ حين مرّ تيشو بتحوّلاته وصار طيرًا وحلّق نحو الفضاء/ الفراغ. بدا مشهد الخلاص هذا متماشيًا مع نظريّات البشر المرتبطة بفيزياء الكمّ، التي تعتقد بالواقع غير المكتمل؛ الواقع الذي شاهده تيشو على الأرض ناقص، وفقط خارجه، في الفراغ، سنكون موجودين، إن شغّلنا خيالنا وأنكرنا حاجتنا البلهاء إلى هويّة موحّدة على الأرض، هذه الهويّة التي أحضرت لنا الرأسماليّة على طبق من ذهب.
باب القفص الذهبيّ ظلّ مفتوحًا، ربّما ليدخل تيشو، أو لتخرج أشباح 8 مليار إنسان نحو سواد الفضاء السحيق: الخلاص الوحيد من التهالك المدوّي، أو نحو السواد بصفته استعارة للفراغ/ العدم؛ الطبيعة المتوازنة اليقينيّة لهذا الكوكب.


(المقال جزء من ملف خاص أعدته مجلّة فسحة- ثقافيّة فلسطينيّة عن مهرجان حيفا المستقلّ للأفلام)

3‏/12‏/2017

وقفة مع أسماء عزايزة


حيفا ــ العربي الجديد
تصوير ديرك سكيبا
30 نوفمبر 2017
تقف هذه الزاوية، مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه. هنا وقفة مع الشاعرة الفلسطينية أسماء عزايزة.

■ ما الذي يشغلكِ هذه الأيام؟
- المحاولة الأبديّة العبثيّة لإحداث التوازن بين الكتابة والقراءة والتفكير الحر والسفر، وبين الحياة المدنيّة البيروقراطيّة والماديّة المدمّرة.

■ ما هو آخر عمل صدر لكِ وما هو عملكِ القادم؟
- صدرت لي المجموعة الشعريّة "كما ولدتني اللديّة" عن دار "الأهليّة". أكتب الآن ما سيكون ضمن المجموعة الثالثة، أو ما سيكون في سلّة مهملاتها. لا أعرف متى سأنتهي منها وما هو عنوانها، لكنّي على الأقل متأكّدة بأنّها مختلفة بما يرضي أحقادي المستمرّة نحو سابقتها.

■ هل أنتِ راضية عن إنتاجك ولماذا؟
- الرضا لحظيّ، عمره قصير، عن سطر أو صورة أو التقاطة وليس عن الإنتاج أو المشروع الشعريّ بعامّة، فاللاحق يقتل الفضول والتجريب والسعي الحثيث لمطاحنة الجمال والاعتراف بأنّ كلّ كتابة هي طلّة قصيرة على العتبة، وسرعان ما ستُغلق الأبواب بعدها في وجوهنا من جديد، حين سيظلّ العالم ينتج شعراً أخّاذاً، أو حين نعود لما أنتجه العظماء ونقول في سرّنا ما نقوله.

■ لو قيّض لكِ البدء من جديد، أي مسار كنت ستختارين؟
- أختار الموسيقى. أشعر أنّ الموسيقى تنجّي أصحابها من الحزن، والشعر يُغرق أصحابه فيه. تعلّمت على آلة الهارمونيكا والقانون والغيتار، وفي كلّ مرّة كان يؤدّبني الشّعر في صفّه مثل أستاذ مقيت.

■ ما هو التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه في العالم؟
- نحن في زمن أصبح فيه الطامعون في التغيير واهمين. فقدت ذاك الانتظار أو الأمل في التغيير. أشعر أنّه فقدٌ حدسيّ وعاطفيّ لا سيطرة لي عليه، وليس قراراً عقلانيّاً.

■ شخصية من الماضي تودين لقاءها، ولماذا هي بالذات؟ 
- اليابانيّ يوكيو ميشيما، وقد أراني كيف يمكن لكلّ شيء أن يحدث/ يتفجّر حين يبدو أنّ لا شيء يحدث. إقدامه على الانتحار وعلى ممارسة القوّة (في السياسة) هو طبعٌ بشريٌّ لم يُخفه وراء شهرة أدبيّة أو جوائز برّاقة، وهو ما نخفيه نحن وراء كلّ شيء نخافه، ونصبح جبناء إن لمحناه.

■ صديق/ة يخطر على بالك أو كتاب تعودين إليه دائماً؟
- لا أعود إلى الكتب، بل أشعر بأنّها "بتلحقني بالعصاي" حتى يكفي ما يكفي هذا العمر القصير من اللحاق بها. لكن أعود إلى كتاب واحد وهو "ديوان المتنبّي"، وتحديداً إلى النسخة المهترئة التي رافقتني منذ كنت في العاشرة من عمري، ولم أكن وقتذاك أفقه شيئاً منها.

■ ماذا تقرأين الآن؟
- أقرأ مجموعة قصصيّة مذهلة لبيسوا وأنطولوجيا شعريّة من كتالونيا.


■ ماذا تسمعين الآن وهل تقترحين علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
- أستمع إلى تجربة المغنيّة التركيّة Tuğçe Kurtiş، تقدّم فيها أغانيَ ذات إيقاعاتٍ إفريقيّة ولاتينيّة إلكترونيّة. أقترح أن تستمعوا إلى ألبوم "طرفة" للفنان البحرينيّ محمد حدّاد وهو مشروع تزامن مع إصدار ديوان للشاعر قاسم حدّاد بعنوان "طرفة بن الوردة"، وفيهما يعيدان تقديم سيرة مسموعة ومكتوبة للشاعر طرفة.

4‏/6‏/2017

عن فناء الشّعر ودار الأهليّة: "حجرٌ لم يُقلب"؛ شعر في الهويّة من فلسطين وألمانيا






صدرت عن مبادرة "فناء الشّعر" ودار الأهليّة للنشر والتوزيع، وبالتعاون مع دار "فيرلاغ هانس شيلر" الألمانيّة للنشر أنطولوجيا شعريّة بعنوان "حجرٌ لم يقلب". وهي الأنطولوجيا الأولى التي تصدر عن مبادرة "فناء الشّعر" التي أسّستها الشاعرة أسماء عزايزة، والتي دعت فيها ثمانية شعراء وشاعرات من فلسطين وألمانيا للكتابة حول الهويّة، وهم: أوليانا وولف، توماس كوهن، جمانة مصطفى، سيّا رينيه، عامر بدران، غياث المدهون ونورا بوسونغ. وقد شارك في التحرير وعمل على نقل النصوص الألمانيّة إلى العربيّة والعربيّة إلى الألمانيّة المترجم إبراهيم مرازقة.
أمّا عن موضوعة الكتاب، الهويّة، فقد كتبت أسماء عزايزة: "بالرّغم من ارتباطها الواعي وغير الواعي، لديّ، بالتّجربة السياسيّة بعامة، وتلك الفلسطينيّة بخاصة، إلا أنّي لم أعد أراها إلا زائغة، مرنة، ومفتوحة على التعدّد، كما لم أرد لثيمة هذه الأنطولوجيا أن تكون غير ذلك، أن تكون واضحة وتشير بأصابعها إلى منابت شعرائها وخلفيّاتهم. هذه الكلمة، التي ارتبطت بحبل سرّة كتلةٍ بشريّةٍ متلاحمة اسمها الشّعب، نجدها الآن وقد أصبحت ميناءً، يرخي وثاق هذا الحبل عن بوّابات القلعة المحصّنة التي أغلقت الجمعيّ على نفسه وتركت الأفراد خارج البوّابات. تنطبق هذه الصّورة على التاريخ والعرق والجغرافيا، والشّعر، أيضًا". وبالفعل، جاءت نصوص الشّعراء على تنوّع وغنى لافت: "إنّه زوغان يثير متعةً ما، حين لن يجد القارئ أنطولوجيا "عن الهويّة"، حين سيقرأ هذا التنوّع في مضمون النصوص، بعضها عقلانيّ وتفكيكيّ، بعضها دمويّ، غاضب، وبعضها متأمّل ورهيف وهشّ. ويصطدم بهذا التعدّد الأسلوبيّ اللافت، مرّةً في نصوصٍ عالية النثريّة، مرّةً في موسيقى صادحة، واحدٌ ينتصر للّفظة، آخر للمشهد، وآخر للاستعارة".

-->
يذكر أن الشاعر أمجد ناصر قام بتقديم الأنطولوجيا الشعريّة، فجاء في تظهيرها مقطعًا من مقدّمته: "لن يعزف النشيدان الوطنيّان الفلسطينيّ والألمانيّ في مدخل هذه الانطولوجيا، لأنّ لا تمثيل تدّعيه هذه القصائد، مهما بدت درجة تقاربها لغة، جيلاً، وهموماً وأمكنة. فهذا التمثيل لم يكن موجوداً في الشعر الألمانيّ (إلا ربما في فترات الصراعات الكبرى وتهديد الحروب مصير الأفراد والشعوب)، ولا هو موجود في الشعر الفلسطينيّ الآن. هذا شعر أصوات فرديّة. لا تدعي النهوض بعبء "وطنيّ" ولا حتى جماليّ. فهذا ادعاء باهظ لا يستطيعه بشر ما بعد كلّ شيء: الحداثة، التكنولوجيا، القوميّات وما شابه. ومن يرغب في "فهم" القضيّة الفلسطينيّة من هذه الأصوات الشعرية (وربما غيرها أيضاً) سيصاب بخيبة أمل.
يذكر أنّ الأنطولوجيا أنجزت بدعم من أكاديميّة الثقافة وهو أحد مشاريع معهد غوته، بدعم من وزارة الخارجيّة، وبالتعاون مع بيت الشعر (برلين) ومسرح خشبة (حيفا). ترجم نصوص الشاعر توماس كوهن من الإسبانيّة الشاعر محمد بيطاري، رسم غلافها الفنان بهرام حاجو وصمّمها وأخرجها فنيًّا وائل واكيم. وسيتم إشهارها الشهر القادم في مدينتيّ حيفا وبرلين بحضور الشّاعرات والشعراء المشاركين.

17‏/3‏/2017

فناء الشّعر | Poetry Yard


مبادرة مستقلّة تقوم عليها الشاعرة أسماء عزايزة. تطمع في استغلال التكنولوجيا ووسائطها الحديثة من أجل أن يتجاوز الشعر الحدود الجيوسياسيّة في المنطقة، وأبرز شكل لهذا التجاوز هو إحضار شعراء وكتاب عرب ليس بإمكانهم زيارة فلسطين، عبر الإنترنت. أوّل مشروع يحقّق هذا المطمع هو "سلسلة لقاءات الكتاب العرب" بالتعاون مع فتوش، حيفا. 
 تسعى المبادرة، أيضًا، إلى المساهمة في وضع الشّعر العربيّ وغير العربيّ الحديث في الواجهة، وذلك من خلال العمل على الترجمة وتقديم أصوات حديثة من العالم إلى القارئ العربيّ والعكس. وعليه، بادر "فناء الشعر" إلى العمل على أنطولوجيا بعنوان "حجرٌ لم يُقلب"، والتي ستصدر قريبًا عن دار الأهليّة بدعم من معهد غوته في برلين، جامعةً ثمانية شعراء من فلسطين وألمانيا.




An independent initiative by poet Asmaa Azaizeh, seeks to make use of technology and its new media whereby poetry bypasses the geopolitical borders in the region. The most prominent form of such a bypass would be in bringing together, using the internet, Arab poets and writers who are unable to visit Palestine and the 1948 territories otherwise. The first venture that achieves such an aim is a “series of meetings for Arab writers”, done in cooperation with Fattoush, Haifa.
The initiative also aims to be part of placing contemporary Arabic and international poetry in the forefront, and that is through the translation and introduction of contemporary international voices to Arabic readers, and the other way around. And so “Poetry Yard” has set to work on an anthology under the title of “Unturned Stone”, which brings together, with the support of Goethe Institute in Berlin, eight poets from Palestine and Germany, and will soon be published by Dar al-Ahliya.






Some of my poems in Arabic, English, German, and Swedish now can be read and heard on Lyrikline!
عدد من قصائدي بالعربيّة والإنجليزيّة والألمانيّة والسويديّة متوفّر الآن للقراءة والاستماع في موقع ليريكلاين!



8‏/3‏/2017

Refugees bleeding and weeping poetry



The Indian poet and writer Tishani Doshi talks to Palestinian poet Asmaa Azaizeh overlooking the sea, and the waves come in verses.

Published in Thehindu

Tishani Doshi
Asmaa Azaizeh was born in a village in Lower Galilee called Daburiyya in 1985. When she was 18 she moved to the nearby port city of Haifa. She missed her parents, the mountains and valleys and fields, the almond and olive trees in her village, but in Haifa she found herself. She became a poet and journalist. She discovered a place called Fattoush, a café founded in the late '90s, where intellectuals and artists gathered. Asmaa is now a curator at Fattoush. She organises music, poetry and lectures and, since last year, has started a book shop and a gallery — one of the few places where Palestinian artists can exhibit their work.
“You can’t talk about a city like Haifa, which used to be a Palestinian city, without talking about 1948,” she tells me. “Apart from the whole destruction and occupation and the diaspora, we have witnessed a real fall of a civilized city. Of Jaffa, of Haifa, and Jerusalem, of course. They were an integral part of the cultural scene in the Arab world, so if you talk about cinema halls, publishing houses, newspapers, magazines, radio stations… stars of Egypt and Lebanon used to come to Haifa to record a song, so it was the centre, you know? And suddenly, there is a killing of the real city. The social life, the places to hang out, the cafés. Suddenly, it’s not there, and you are responsible for building it up from zero, and it’s not easy to do this especially with the circumstances now — if you’re a minority, if you’re dismissed, if you’re oppressed.”

Contemporary Arab poetry, she says, has largely broken free from classical form, shape and rhyme structures.

Asmaa Azaizeh | © Bianca Sistermans
Asmaa has been visiting me at my home in Cheyyur for a few days. We have walked around the stone carvings of Mamallapuram and the temples of Mylapore. She has introduced me to the pleasures of arak (a cloudy alcoholic spirit of the anise family) and taught me how to make maqluba (an upside-down layered rice dish that induces kinglike sleep). In return, I have plied her with masala dosas. Mostly, we’ve been sitting across a table listening to the sea, talking about poetry.
Asmaa writes in Arabic, a language she believes is privileged and full of richness. “One day, in the studio,” she says, “I was looking for a word for sand, and I was encountered by a huge lexicon. I discovered 30 to 40 words to talk about sand. It’s just amazing. I don’t know if you have this in other languages. We have 70 words for water. And for fire — I don’t know how many. We even have a word for the female horse, when it stands on three legs with the fourth slightly raised, in the morning time. We have a word for this! Assafinat. So there's a magical thing about this language, and even if I don’t use all these words I feel they are in me.”

While she has lived most of her life in Palestine, Asmaa has travelled the world with her poems. We talk about what it means to be a young woman in an ancient land. About collective memory. She tells me that she struggles with the gap between her beliefs and the real, that she wishes they were closer to each other. “Suddenly you find that you believe in things but you don’t practically do them because you’re disgusted by the fact that the values are used for a kind of personal interest or ideology. You try to create this relationship with the past in a very individual way. But I can’t tell that I’m satisfied with it. I don’t think I will end with a clear understanding of my relationship to the collective and my relationship to my values and beliefs. There’s a real gap.
“I will give you a very simple example. I believe in a one-state solution. I don’t believe in the state, actually, but the first solution is the whole historical Palestine, and I still use this term. I say historical Palestine because 60 years ago it was Palestine. That is the human voice of me saying, I want it all back. What does it mean, how is it translated? I don’t know. That’s another thing, but it’s an ideology, it’s a belief. On the value level of using this ideology — political activism as a value, political action as a value — these values are haunting me. I find myself in a situation where I start to think that my ideology is against me, as if I fight for her and fight her, so I don’t know if I’m fighting for it, or fighting it. I always feel that I must take care that it’s okay, that I’m not destroying it, that I’m not disregarding my origins, all this — but that is the gap I’m talking about.”
Asmaa believes this difference between ideology and life is a problem many poets writing in Arabic face, because while they are linked by language and literature, their experiences are vastly different. “I can give examples of poetry that have been written in Bahrain and Algiers, which is affected by what’s happening in Libya and Syria. It’s because we have one language. If something happens in Gaza, certainly a demonstration will come out of Morocco. You feel this same collective life, so even if you’re not encountering the event itself, you’re influenced by what’s happening in other countries.”
Historically, there has been a strand of Arabic poetry, that Asmaa describes as “screaming” or “bleeding” — political manifestos and slogans that are passed off as poems. “It can still be like this, but it’s more universal now, calmer, but it still bleeds. And you find yourself out of this bleeding river of Arab poetry that comes from everywhere. But I was born in a peaceful village. I have never seen shooting in my life. I've never seen a dead body or a killing, but my memory and my collective consciousness has seen all this. If I see it on TV, if I hear about it, if someone close to me tells me something about their father or mother in Syria, in Egypt, my conscious is bleeding, but what I live in my real life is really peaceful. So it’s as if you lose your legitimacy to write about war, but you live this, you know it.”
Contemporary Arab poetry, she says, has largely broken free from classical form, shape and rhyme structures. This generation of poets have also learned from the past to avoid purely rhetorical poems, because they know they will just fade away. Asmaa jokes that in the '60s, '70s and '80s if you were an Arab poet you were a kind of correspondent. If a bomb exploded in Baghdad in the morning you had to write a poem about it. She tells me there is a Syrian poet whose work she used to love, but since the events that have been unfolding in Syria, “he became so much, I don’t know — as if the poem is vomiting only emotion, and weeping. It doesn't work at all. It’s as if he lost his mind because it cannot be natural. It is a poetry of emergency.”

One day, in the kitchen, she used a term I’d never heard before — “Refugee Poetry”. She talks of Syria, the millions displaced, the strange and sometimes complicated responses of European institutions to try and understand what it means to be a refugee.

When asked to place herself in the map of Arabic poetry she talks about the difficulty of being raised in a kind of isolation, about the inability to separate herself from being a minority that was sieged. Things have changed now because of the Internet, so the grasp of geopolitical facts is clearer, books are coming to her from Iraq, Morocco, Lebanon, but she says what her parents inherited from the Arab region in terms of culture was nothing. “There was a siege in 1948 and that’s it. You are one-and-a-half million people and you know nothing about the Arab world and they know nothing about you.” The knowledge she had as a child, as a teenager, was very local and limited. The understanding that certain bridges were lost has formed a large part of her vision.
“It has to do with building something. If you live all this in your memory and subconscious and you don’t live this blood physically, it’s as if something goes inside you which is not really connected to your age or your experience. I didn't live through 1948. I didn't live the memory of my parents or grandfathers, but the memory of my grandfathers is also coming up in my poetry, and I don’t know what happened, but lately I really feel them — both my grandfathers, whom I didn't meet.”
One day, in the kitchen, she used a term I’d never heard before — “Refugee Poetry”. She talks of Syria, the millions displaced, the strange and sometimes complicated responses of European institutions to try and understand what it means to be a refugee. “Many of the cultural events in Germany and other places are happening under the title of refugee cinema, refugee poetry. It’s so funny, it’s almost a brand to be a refugee.
“It’s problematic because it means if you’re a refugee you have a higher legitimacy to do whatever you want, and taken with the historical background of Germany, who are used to feeling that things are their fault, it creates a dangerous situation. This Syrian cultural refugee scene in cool Berlin — that whatever comes from it must be good. So, what I mean is that I can’t judge this period because there’s a lot of positive things happening, but it’s also dangerous, and the role of intelligent society is to be aware of it, to start writing about it, so it will be on the shelves of what we will read later, in the years to come.” 

31‏/1‏/2017

جرعة زائدة



نشرت في صحيفة "العربي الجديد" 



 جزء من لوحة "وشمك يلمس قلبي" لضياء العزاوي

دراكولا يركض في القطار    

سرعان ما سيشرّح صدري
ويجدُ قلب شجرةٍ
ويندم

كانت المدينة تحشو جذعي بالأشباح
الكلام الذي نام على الألسنة في آوشفيتس كان ينمو فارعًا منّى
وهذا الشيء الذي ينفلت من الماضي يدخل أذني مثل أغنية تكنو
لكنّ صبية بوشومٍ عن جدوى الحياة يجرّون الماضي وراءهم إلى المرقص
ويحقنون وريده بالمخدرات      

صرت صمّاء بعد أن عزفتْ طبول الحرب على طبلة أذني
وصارت الأغاني تمرّ من أحشائي كجياد هاربة                               

كنتُ الفارس الذي كبى عن الحبّ فانكسر
قدمي الغائبة تنبحْ
استيقظ على صوتها في أسرّة وادي الصليب
وأنزل المنحدر إلى ساحة الحناطير
بقدمٍ واحدة
مواعيد الحافلات التي لم تذهب من هناك إلى دمشق
تطحن ساعة يدي بالأزاميل

منذ رأيتُ الباب الشرقيّ في منامي دون أن أعرفه
ومنذ طحنتْ طواحينُ الهوى رقّتي  
منذ جلست حيفا القرفصاء عند عتبة الحلم
أشفق عليّ الحطّابون

مرّ عنّي الغزاة ولم ينتبهوا إلى المقصلة التي سقطتْ من أغصاني

تحقن المدينة جذوري مثلما تحقن الحربُ خيال المقابر

كأن يواعد الشخصُ موته ويقنعه بأن الوقت لم يحن بعدُ
أو كأن يواعد حبًّا سابقًا ويقصد ألا يصل

أركض بين عظام أجدادي كي ألحق الخيال، فأمسكُ بطرف قميصه
أتخيّل المدينة وهي تنفخ الأوكسجين في فم الماضي
وما إن يَفلِتَ من يدي حتى أراها تستدرج أنفاسه إلى الأقبية


أركض في القطار بعكس السير كي أخسر الوقت وأسترجع البدايات

أسترجعُ صهيل جدّي، لكنّ الأشجار لا تسمع
أسترجعُ وجهه حين خرج من اللّجون فألمسُ رخامًا
البدايات تهذي وتلفظنا إلى الأرصفة، والأرصفة تلتهب وتحمرّ مثل حبّة عنّاب
قلبي يصفرّ من الحبّ كأوراق العهد القديم
ويحتضر مثل سفر التكوين

استذأبت أمام الحرب مرّةً                                                                                               
وأمام الحبّ عشرات المرات
أهداني الرجال خواتم فضّة وقتلوني بها
كما قتل دراكولا الوقت في القطار

تصير ندوبي قصائد هايكو
فارغةَ صبرٍ مثل عاصفة
تتهالك عند أول لفظة وتدبر بقدمٍ واحدة

من يومها، صرت أقع في الحبّ واقفةً مثل قطّة
ومدجّجة بالخبث مثل ناموسة صيف
أبتسم تحت الطاولة كلما تسببت في إشعال حروب صغيرة
إنها ابتسامة المقاتل التي نسيها في وجهي حين انتصر في حربٍ عالميّة

المدينة تركض في مخيلة تولستوي
وقد تنتحر بعد قليلٍ
إن لم نحقن الماضي بجرعةٍ زائدة
إن لم نُنسه حليب أمّه  
إن لم نكسر رُكَب خطاه الأولى في مراكب اللجوء
ونقطَع ألسنة ألفاظه التي رجفت في الخيام


المدينة تنام تحت القطار
أنام أنا تحت الوقت
ينام الماضي تحت جلد المدينة ويقع على وجهه

نحن
لا نلدغ من خيمة مرتين



بدو الشواطئ يدقون الأوتاد على ظهور الجمال
الجمال تمشي على سطح الماء
الأوتاد ستعود إلى أصلها ككرسيّ شيركو بيكيه اس
ستصير أشجارًا

سيغرق أشباحها إن فكروا في الخروج من جذعها

هكذا، أحقن الماضي بجرعة زائدة

لكنّي لا أستطيع بسبب محكيّتي التي عجنت أين بمتى. "وينتا" التي شكّلت شرخًا عميقًا في فكرتك عن الزماكانيّة
أكرّرها في أذنك مرّة بعد مرّة. أتعمّد أن أكرّرها مرّة بعد مرّة
فينسكب الزمان فوق الاسفلت. سأكون مزروعةً على جانبيه، تخرج أشباح آوشفيتس من جذعي وتبحث عن ذرّيتها
ويمتد المكان في ساعة يدي، سيشير اللّجون إلى الليلة التي سألقاك فيها أوّل مرّة
فأدخل الحبّ   
بقدمٍ واحدة


حيفا التي أمستْ خيمة كبيرة
حيفا التي في البال تنخُّ
دراكولا الذي سقط عن القطار ولم يندم
الحبّ الذي وجد قدمه الغائبة ولطمني فيها
الماضي الذي سيموت الآن من جرعة زائدة
المدينة التي تقف فوق جثّته وتضحك
الماضي الذي
سرعان ما سيشرّحون صدره
ويجدون قلب شجرة